Translate

الجمعة، 21 أبريل 2023

لباس المرأة عموما وخاصة المسلمات وما يجب ان يكون

من مشكاة

أيها المسلمون، لقد امتن الله على عباده بما جعل لهم من اللباس والرياش، قال الله ـ تعالى ـ: يَـٰبَنِى آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوٰرِى سَوْءتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ .

فاللباس، لستر العورات وهي السوآت، والرياش والريش ما يتجمل به ظاهرا، فالرياش من الضروريات، والريش: من التكملات والزيادة، ولباس التقوى هو الإيمان وخشية الله. قال عبد الرحمن بن أسلم: يتقي فيواري عورته، فذاك لباس التقوى.

أيها الاخوة الكرام، إن هناك تلازم بين شرع الله اللباس لستر العورات للزينة وبين التقوى، كلاهما لباس، هذا يستر عورات القلب ويزينه، وذاك يستر عورات الجسم ويزينه، وهما متلازمان، فمن الشعور بالتقوى والحياء ينبثق الشعور باستقباح عري الجسد والحياء منه ومن لا يستحي من الله ولا يتقيه لا يهمه أن يتعرى وأن يدعو غيره إلى العري، العري من الحياء والتقوى، والعري من اللباس وكشف السوأة.

إن ستر الجسد للذكر والأنثى ليس مجرد اصطلاح وعادات وعرف بيئي، كما تزعم الأبواق المسلطة على حياء الناس والنساء وعفتهم لتدمر إنسانيتهم، إنما هي فطرة خلقها الله في الإنسان، ثم هي شريعة أنزلها الله للبشر.

ومن هنا يستطيع المسلم الواعي أن يربط بين الحملة الضخمة الموجهة إلى حياء الرجال والنساء وأخلاقهم، والدعوة السافرة لهم إلى التكشف والانحلال باسم الزينة والحضارة والتطور من جهة، وبين الخطة اليهودية لتدمير إنسانيتهم، وجعلهم يتزينون بزي الحيوانية وهي زينة التكشف والعري.

إن المسلم الحق هو الذي يمتثل قول الله ـ عز وجل ـ: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ. وقد أمر الله سبحانه إماءه بالحجاب والستر، قال ـ تعالى ـ: يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً. قال ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب.

إن هذا الغطاء الذي يستر الوجه والبدن هو علامة المسلمة المحتشمة التي تدين الله بالخضوع والطاعة: وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ.

وقد ذكر العلماء شروطا للبس المرأة المسلمة العارفة لدينها الحريصة على حيائها الأول:

أن يكون ساترا لجميع البدن، الثاني: أن يكون كثيفا غير رقيق ولا شفاف، لأن الغرض من الحجاب الستر، فإذا لم يكن ساترا لا يسمى حجابا، لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر.

الثالث: ألا يكون زينة في نفسه أو مبهرجا ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار لقوله تعالى: وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، ومعنى (ما ظهر منها) أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب، ومن هنا يعلم أن كثيرا من العباءات التي تباع الآن وفيها من الزينة ما يلفت النظر لا يجوز ارتداؤه.

الرابع: أن يكون واسعا غير ضيق ولا يشف عن البدن، ولا يجسم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة.

الخامس: ألا يكون الثوب معطرا فيه إثارة للرجال لقوله : ((إن المرأة إذا استطعرت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية))[1][1].

السادس: أن لا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال لحديث أبي هريرة : ((لعن النبي الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل))[2][2]، وفي الحديث: ((لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء))[3][3].

السابع: أن لا يشبه ملابس الكافرات، قال : ((من تشبه بقوم فهو منهم))[4][4]، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: رأى رسول الله علي ثوبين معصفرين، فقال: ((أن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها))[5][5].

وقد حذر النبي من فتنة النساء قال عليه الصلاة والسلام: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء))[6][6] متفق عليه، ولقد عرف أعداء الإسلام أن في فساد المرأة وتحللها إفساداً للمجتمع كله.

يقول أحد كبار الماسونية: كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوهم في حب المادة والشهوات.

وقال آخر: يجب علينا أن نكسب المرأة، فأي يوم مدت إلينا يدها فُزْنا بالمراد وتبدد جيش المنتصرين للدين.

ومن حينها باتت دور الأزياء وصيحات الموضة تنسج لنساء المسلمين كل ما يخدش لحياء ويفضي إلى التهتك، من الملابس الضيقة والعارية والقصيرة والمفتوحة، وأصبحت مجلات الأزياء وغيرها توجه الفتاة المسلمة بكل خبث إلى نوع ما ترتديه من ملابس في صيف عام كذا، أو في شتاء عام كذا، حتى غدت المسلمة أسيرة لآخر الموديلات وأحدث التقليعات التي فيها تشبه بالكافرات، ومحبتهم والإعجاب بهم، وهذا قادح في كمال عقيدة المسلمة.

لحـد الركبتين تشمرينـا         بربك أي نهر تعبرينا

كأن الثوب ظل في صباح         يزيد تقلعاً حينا فحينا

تظنيـن الرجال بلا شعور          لأنك ربما لا تشعرينا

قال : ((صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))[7][7]، ولقد تحققت نبوة رسول الله فقد وصفهن وصف المشاهد لهن، فمعنى (كاسيات عاريات): يلبس ثيابا رقيقة تصف لون الجسد أو قصيرة، فهي كاسية في الاسم عارية في الحقيقة. ومعنى (مائلات): أي زائغات عن طاعة الله، وما يلزمهن من الحياء والتستر مائلات في مشيتهن. (مميلات): أي مميلات فيرهن فيعلمنهن التبرج والسفور بوسائل متعددة، مميلات لقلوب الرجال لفعلهن، ومعنى (رؤوسهن كأسنمة البخت): أي يعملن شعورهن بلفها وتكويرها إلى أعلى كأسنمة الإبل المائلة.

وقد سئل فضيلة الشيخ محمد ابن عثيمين عن اللباس الضيق والمفتوح للمرأة فقال: هذا اللباس لباس أهل النار، كما قال النبي : ((صنفان من أهل النار لم أرهما..))، وذكر الحديث السابق، فهذه المرأة التي تلبس هذا اللباس كاسية عارية، لأن اللباس إذا كان ضيقا فإنه يصف حجم البدن ويبين مقاطعه، وكذلك إذا كان مفتوحا، فإنه يبين ما تحته، لأنه ينفتح، فلا يجوز مثل هذا اللباس، وقال ـ حفظه الله ـ في موضع آخر: أرى إنسياق المسلمين وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد علينا من هنا وهناك، وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة، مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جدا أو الخفيفة، ومن ذلك لبس البنطلون فإنه يصف حجم رِجل المرأة، وكذلك بطنها وخاصرتها وغير ذلك، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح السابق، فنصيحتي لنساء المؤمنين ولرجالهن أن يتقوا الله ـ عز وجل ـ، وأن يحرصوا على الزي الإسلامي الساتر وألا يضيعوا أموالهم في اقتناء مثل هذه الألبسة، أما عن حكم لبس مثل هذه الملابس عند المحارم والنساء فقال: وأما بين المرأة والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها، والضيق لا يجوز لا عند المحارم ولا عند النساء إذا كان الضيق شديدا يبين مفاتن المرأة انتهى كلامه ـ حفظه الله ـ.

بارك الله لي ولكم...

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد:

أيها الاخوة الكرام، لقد شاع في هذا الزمان بين أوساط كثير من النساء محاذير شرعية في لبسهن، جعل المرأة المسلمة تنحرف عن مسارها الصحيح، هاجرة تعاليم ربها، مقبلة على أهوائها وشهواتها، إن المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وزين لها الظهور أمام الرجال بمنظر لافت، وخدعها بأن تمشي فيهم بطريقة معينة، إلى غير ذلك مما يزينه لها الشيطان.

ومما شاع أيها الاخوة الفضلاء ما رأيتموه جميعا بل كل يوم يأتينا عنه نبأ، ألا وهي العباءة لا تحمل أي شكل من أشكال الإغراء، فتارة ترى عباءة مزينة بالقيطان أو مطرزة في موضع الأكمام أو الصدر أو الظهر، أو عبارة مكتوبة عليها بالذهبي عبارات ملفتة أو العباءة الفرنسية، أو موديل الدانتيل، أو موديل التخريم وغيرها وغيرها.

ومن مشاهد الضياع في ارتداء الحجاب، ما يفعله بعض النساء من وضع العباءة على كتفها ولف الطرحة على رأسها ليبدوا قوامها ويمتشق قدها، ولا شك أيها الإخوة أن هذا الفعل فتنة للمرأة وفتنة للرجل، وقد أفتى الشيخ عبد الله بن جبرين بحرمة هذا الفعل، سئل ـ حفظه الله ـ: إنه انتشر بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرحة والتي تكون زينة في نفسها، وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف الصدر وحجم العظام ويلبسن هذا اللباس موضة أو شهرة، ما حكم هذا اللباس وهل هو حجاب شرعي؟ وهل ينطبق عليهن حديث النبي : ((صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما..))؟

قال ـ حفظه الله ـ: قد أمر الله النساء المؤمنات بالتستر والتحجب الكامل قال ـ تعالى ـ: يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ. والجلباب: هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها، فلبس المرأة للعباءة هو من باب التستر والاحتجاب الذي يقصد منه منع الغير من التطلع ومد النظر قال تعالى: ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ، ولا شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت الأنظار نحوها، فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبها بالرجال، وكان منه إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين، وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدر والظهر ونحوه، مما يكون سبباً للفتنة وامتداد الأعين نحوها وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور ويخاف دخولها في الحديث المذكور السابق ذكره، انتهى كلامه ـ حفظه الله ـ.

ومن مظاهر الحجاب العصري الفاسدة المنتشرة بين كثير من الفساد بداعي التقليد والإثارة أو الجهل، ما يفعله كثير منهن من إظهار العينين وجزء من الوجه وربما اكتحلت إحداهن أو وضعت الأصباغ على وجهها لتبدوا بشكل لافت ومثير.

أيها الاخوة الكرام، إن إطلاق المرأة لبصرها تنظر في الرجال وينظرون إليها، لهو فتنة لها ولقلبها، والنساء ضعيفات سريعات التأثر، فينتج عن ذلك فتنة وفساد كبير ـ أعاذنا الله وإياكم ـ.

وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن ما يسمى بالنقاب وطريقة لبسه، ففي بداية الأمر كان لا يظهر إلا العينان فقط، ثم بدأ النقاب بالاتساع شيئا فشيئا فأصبح يظهر مع العينين جزء من الوجه مما يجلب الفتنة، ولا سيما أن كثيرا من النساء يكتحلن عند لبسه. فأجاب فضيلته: في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه بل نرى منعه وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز، ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه، بل نرى أنه يمنع منعا باتا، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر وأن لا تنتقب، لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه، فيما بعد الأسواق والحدائق الأماكن العامة.

ومن مظاهر التناقص في لبس الحجاب، أن ترى المرأة المسلمة بلبس حجابها ولكن فوق ثوب مشقوق الجانبين أو فوق تنورة مفتوحة من الخلف، وربما تلبس عباءتها فوق بنطلون يكون في بعض الأحيان ضيقا، أو تسير بين الرجال ورائحة الطيب تفوح منها، وربما تجد امرأة قد أكملت حجابها ولمت عباءتها ولكنها تتحدث مع صاحب المحل بصوت متكسر يطمع الرجال فيها.

أيها الاخوة المؤمنون، إن هذه المظاهر الشاذة في مجتمعنا المسلم المحافظ لمما يبعث على الأسى والحسرة، ولكن ما هو واجبنا كرجال ملكنا القوامة على النساء، وحملنا مسؤولية التوجيه والتربية لزوجاتنا وبناتنا؟

إن الواجب أن نتقي الله ـ سبحانه ـ أولا وآخرا، وأن ننصح لزوجاتنا وبناتنا، ونعلمهن ما هو حلال ونعينهن عليه، وما هو حرام فنزجرهن عنه، لأن الرجل هو الذي يغار على أهله ويحفظهم من نظرات الساقطين والسافلين، فلنكن أيها الاخوة رسل هداية ومنابر توجيه لأهلينا، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه مرضاته.

ألا صلوا وسلموا... 

هل الإسلام ظلم المرأة وأهانها.أم عززها وأكرمها ؟

من مشكاة

 أما بعد:

فقد تحدثنا فيما سبق عما يريده أعداء هذا الدين من كيد للإسلام والمسلمين وأنهم لما عجزوا عن مواجهة هذا الدين بالسلاح، واجهوه بالغزو الفكري الثقافي يشوهون بذلك صورة الإسلام عند غير المسلمين ويشككون المسلمين في دينهم.

وذكرنا أن من أكبر وسائلهم التي حاولوا ضرب المسلمين من خلالها هي المرأة. فأشاعوا ونشروا حول مكانة المرأة في الإسلام الأباطيل والشبهات.

ومن أكبر أباطيلهم التي حاولوا نشرها والترويج لها بين المسلمين مقولتهم الباطلة بأن الإسلام قد ظلم المرأة وأهانها. فنقف مع هذه التهمة الباطلة و المقولة الآثمة لنتبين بطلانها ونرد على قائليها ومروجيها من أعداء الله وأعداء رسوله رداً إجماليا أولاً، ثم رداً تفصيلياً بعد ذلك بعون الله.

أولاً: يقولون قد ظلم الإسلام المرأة وأهانها. فنقول محذرين ومنبهين أن هذه المقولة كفر ويجب الحذر منها، وذلك لأن الإسلام هو دين الله عز وجل، وهو الذي أنزله وشرعه لنا قال تعالى: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3]. ومن هنا نقول بأن من قال بأن الإسلام قد ظلم المرأة أو أهانها فإنه إنما يقول أن الله عز وجل قد ظلم المرأة وأهانها, تعالى الله عما يقول الجاهلون الظالمون علواً كبيراً, يقول الله تعالى: وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]. وقال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [النساء:40]. وقال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئًا [يونس:44].

فالقول بأن الله قد ظلم المرأة بعد ذلك هو تكذيب للقرآن وتكذيب القرآن كفر. هذا هو الرد الإجمالي الذي يجب على كل مسلم أن يفهمه ويعيه ويفهمه للعالم كله.. هو أننا مؤمنون بأن الله عز وجل لا يظلم أحداً.

ثم تعال أخي المؤمن الموحد ننظر في حال المرأة قبل الإسلام ثم في حالها بعد الإسلام لنرى هل ظلم الإسلام المرأة أو أهانها؟ وهو الرد التفصيلي.

كان العرب في الجاهلية قبل الإسلام ينظرون إلى المرأة على أنها متاع من الأمتعة التي يمتلكونها مثل الأموال والبهائم ويتصرفون فيها كيفما  شاءوا. وكان العرب لا يورثون المرأة ويرون أن ليس لها حق في الإرث وكانوا يقولون: لا يرثنا إلا من يحمل السيف ويحمي البيضة.

وكذلك لم يكن للمرأة على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد محدود، وليس لتعدد الزوجات عدد معين.

وكان العرب إذا مات الرجل وله زوجة وأولاد من غيرها كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره, فهو يعتبرها إرثاً كبقية أموال أبيه. فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان الرجل إذا مات أبوه أو حموه, فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها, أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها).

وقد كانت العدة للمرأة إذا مات زوجها سنة كاملة. وكانت المرأة تحد على زوجها أشد حداد وأقبحه, فتلبس شر ملابسها وتسكن شر الغرف، وتترك الزينة والطيب والطهارة، فلا تمس ماء، ولا تقلم ظفراً، ولا تزيل شعراً، ولا تبدو للناس في مجتمعهم، فإذا انتهى العام خرجت بأقبح منظر وأنتن رائحة.

وكان عند العرب أنواع من الزيجات الفاسدة. منها اشتراك مجموعة من الرجال بالدخول على امرأة واحدة ثم إعطاءها حق الولد تلحقه بمن شاءت منهم. فتقول: إذا ولدت هو ولدك يا فلان، فيلحق به ويكون ولده.

ومنها نكاح الاستبضاع، وهو أن يرسل الرجل زوجته لرجل آخر من كبار القوم لكي تأتي بولد منه يتصف بصفات ذلك الكبير في قومه.

ومنها نكاح المتعة وهو المؤقت.

ومنها نكاح الشغار، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو موليته لرجل آخر على أن يزوجه هو موليته بدون مهر، وذلك لأنهم يتعاملون على أن المرأة يمتلكونها كما يمتلكون السلعة.

كما كان العرب يكرهون البنات فيدفنونهن أحياء خشية العار كما يزعمون، وقد ذمهم الله وأنكر عليهم فقال: وَإِذَا ٱلْمَوْءودَةُ سُئِلَتْ بِأَىّ ذَنبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9].

هكذا كان حال المرأة في الجاهلية قبل الإسلام عند العرب وكان حالها مثله عند غير العرب كذلك. فكان اليهود مثلاً إذا حاضت المرأة لا يؤاكلونها ولا يجالسونها، وينصبون لها خيمة في وسط البيت، وكأنها نجاسة أو قذارة.

وكذلك كان حالها عند الشعوب الأخرى.

ولما جاء الإسلام ونزل القرآن رفع الله مكانة المرأة وأعزها وأكرمها، يقول أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: (كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام, وذكرهن الله، رأينا لهن بذلك علينا حقاً).

وتأمل يا عبد الله، لما جاء الإسلام لم يعتبر الإسلام المرأة مكروهة أو مهانة، كما كانت في الجاهلية، ولكنه قرر حقيقة تزيل عنها هذا الهوان، وهي أن المرأة قسيمة الرجل، لها ما له من الحقوق، وعليها أيضاً من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها. وعلى الرجل أن يكون وليها، يحوطها ويذود عنها بدمه، وينفق عليها من كسبه.

ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام أن ساواها بالرجل في أهلية الوجوب الأداء، وأثبت لها حقها في التصرف ومباشرة جميع الحقوق، كحق البيع والشراء والتملك وغير ذلك.

ولقد كرم الله المرأة حينما أخبر أنه خلقنا من ذكر وأنثى، وجعل ميزان التفاضل بيننا هو تقوى الله قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَـٰرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَـٰكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13]. وكذلك ذكرها الله مع الرجل فقال تعالى: إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْقَـٰنِتِينَ وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ وَٱلذكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:35].

ومن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة أن اعتنى بشؤونها، ونبه على أمرها في القرآن والأحاديث، وقد أنزل الله سورة كاملة من السور الطوال باسم النساء (وهي سورة النساء) وقد تحدثت السورة عن أمور هامة تتعلق بالمرأة والأسرة والدولة والمجتمع.

الحمد لله حمداً لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد.

وبعد:

فكذلك من مظاهر التكريم للمرأة تكريم الأم، فقد عظم الإسلام شأن الأم قال تعالى: وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً [النساء:36]. وقال تعالى: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً [الإسراء:23].

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: ((أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك)).

ومن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة عنايته بحقوق الزوجات، فلقد كان ما قاله في خطبته في حجة الوداع: ((فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله)).

بالإضافة إلى تلك المظاهر إعطاها الحرية في اختيار الزوج بالقيود الشرعية. فعن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها ـ يعني يزوجونها ـ أتستأمر أم لا؟ ـ يعني: هل تستأذن ـ فقال: ((نعم تستأمر، قالت فقلت له: إنها تستحي فقال صلى الله عليه وسلم: فذلك إذنها إذا هي سكتت)).

ومن مظاهر تكريم المرأة في الإسلام أن الإسلام حث على تربية البنات ورتب عليها أجراً عظيماً. قال صلى الله عليه وسلم: ((من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو، وضم أصابعه)) [رواه مسلم].

ولم يرد مثل هذا الحديث في تربية الذكور من الأولاد.

عباد الله، ولو أردنا تتبع مظاهر تكريم المرأة في الإسلام لطال بنا المقام، ولكن فيما ذكر كفاية، ولعل من أراد الاستزادة أن يرجع إلى كثير من الكتب التي ألفت في هذا الباب ليرى بعين بصيرته مدى التكريم الذي وصلت إليه المرأة في الإسلام.

وهنا إخوتي لا بد من وقفة وهي: أننا مع الأسف أصبحنا اليوم في وضع المدافع، ندافع عن ديننا، نريد أن ندفع عنه التهم التي يلصقها به أعداؤه، وهذا والله ضعف وخور حدث في الأمة بسبب ترك ما أمر الله به وهو الدعوة إلى الله. ولو أننا قمنا بواجب الدعوة إلى الله، وغزونا هؤلاء الكفار في عقر دارهم بدعوتنا وبينّا محاسن ديننا. وقمنا كذلك ببيان فساد دينهم الذي هم عليه. وأنهم قد ظلموا المرأة والرجل والطفل في تعاملهم، لو قمنا إخوة الإيمان بذلك، لما احتجنا أن ندافع عن ديننا لأننا أصحاب حق وصاحب الحق قوي بحقه. ولكن نحن اليوم بحاجة إلى إصلاح داخلي في ذواتنا وأنفسنا قبل أن نقوم بالإصلاح في الخارج والله المستعان. 

 

الحضارة الإسلامية بين أصالة الماضي وآمال المستقبل (4) الباب الرابع كيف نبني حضارتنا الإسلامية؟

الحضارة الإسلامية بين أصالة الماضي وآمال  المستقبل (4) الباب الرابع كيف نبني حضارتنا الإسلامية؟ الباب الخامس قيم التقدم   في ا...