Translate

الجمعة، 21 أبريل 2023

حكم مجملات التزين للمرأة

فيا أيها الاخوة المسلمون:أوصيكم ونفسي بتقوى الله ومراقبته، فما قل ولا ذل عبد اتقى الله وحفظ جوارحه عن الحرام .

أيها المسلمون: ومع آخر حلقة في سلسلة المرأة التي خضنا غمارها في أسابيع ماضية مضت، وهي عن زينة المرأة المسلمة ما تأتي فيها وما تذر .

أيها الاخوة الكرام: إن المرأة بطبيعتها تميل إلى حب التزين والتجمل وهذا من أصل فطرتها وتكوينها، قال تعالى: أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين [الزخرف 18]وفي قراءة (أومن يَنشأ) وفي هذا العصر الذي كثرت فيه السهام الموجهة إلى صلاح المرة المسلمة وجمالها الباطن لكلي تعيش همّا جديدا في حياتها اسمه الموضة، فتضيع وقتا كبيرا وثمينا من أجل زينة الظاهر، وتبذر أموالا كثيرة، لمواكبة آخر ما أحدثته دور الموضة، وهكذا يراد للمسلمة أن تعيش مشغولة بتوافه الأمور متناسية العظيم منها:

يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته                        أتطلب الربح فيما فيه خسران

أقبل على النفس واستكمل فضائلها    فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

أيها الاخوة الكرام: إن المرأة لا تلام على حب الزينة والتزين، بل إن ذلك مطلوب منها شرعا، وهي مأمورة به بمثل قول النبي : ((إن ينظر إليها سرته))، ولو لا الزينة لما رغب رجل في امرأته، ولكن المطلوب في الزينة هو عدم المبالغة، والتوازن بين الاهتمام بالظاهر والاهتمام بالباطن، إلا أن كثيرا من نساء اليوم غلبن جانب الاهتمام بالمظهر على سواه .

أيها الاخوة الكرام: وإليكم أرقام مهولة لاستعمال أدوات الزينة الخاصة بالمرأة، ففي عام 1997م، أنفقت نساء الخليج حوالي ثلاث مليارات ريال على العطور فقط، وخمسة عشر مليون ريال على صبغات الشعر، وبلغت مبيعات أحمر الشفاه أكثر من ستمائة طن، فيما بلغت مبيعات طلاء الأظافر أكثر من خمسين طنا .

وإن الدارسين في معاهد وكليات الإعلام يعرفون جيدا أن نظريات الإعلام تركز على المرأة في إقناع المستهلك على شراء المنتج الجديد حتى في السلع التي لا تتعلق بالمرأة، ولا تجد حملات الإعلان الموجهة للمرأة صعوبة كبيرة في إقناع النساء باتخاذ قرار الشراء، فهذا المنتج يحقق التميز، وذاك يوفر التجاعيد، وهذا يمنع تقصف الشعر، وذاك يفتح البشرة إلى غير ذلك، وآخر تقاليع هذا التقليد إطلاق أسماء الفنانات وعارضات الأزياء على الماركات الجديدة .

أيها الأخ الموفق : ألم يأتك نبأ مساحيق التجميل، وما مكوناتها، إن أشهر ماركات مساحيق التجميل العالمية تصنع من أنسجة أجنة الإنسان الحية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية يدخلها سنويا أربعة آلاف جنين عن طريق ما في الأجنة، لهذا الغرض ولغيره، وقد أثبتت بعض الأبحاث الحديثة التي أجرتها شركات مساحيق التجميل الكبرى في الغرب الفائدة القصوى لأنسجة أجنة الإنسان في صناعة مساحيق التجميل، ومن هنا بدأ الجريمة المقننة التي يتعاون في صناعة مساحيق مع الأطباء في إجهاض النساء، وسحب الجنين، وحفظه في أوعية خاصة تمهيدا لبيعه لشركات إنتاج الصابون الخاص بجمال البشرة، وشركات إنتاج المساحيق والكريمات التي تغذي البشرة .

وقد أعد الدكتور فلاديمير سكرتير عام اللجنة الدولية لحماية الطفل قبل الولادة بأمريكا، أعد تقريرا سريا عن تلك القضية، وقد أشار ضجة كبرى عرض شريط سينمائي بعنوان (الصيحة الصامتة)، أو بدأ الفيلم بعرض جنين سليم، ثم تصوير بالأشعة فوق الصوتية وهو لم يولد بعد، وينتهي بتقطيع أوصاله، وفصل رأسه عن جسده، وهو يسبح في السائل المحيط داخل الرحم بفعل آلة الإجهاض الحديثة (الجيلوتين) التي تعمل على تهشيمه تماما، وأوضح الشريط أن الجنين قد تعرض لآلام رهيبة حتى تمت عملية الإجهاض، كما أنه يعيش حالات الشعور بالألم حيث يتحرك بعيدا عن آلة الإجهاض التي تجلب له الموت، كما زادت ضربات القلب الصغير زيادة كبيرة عندما واجهه خطر الموت، ويصرخ بشدة مثل صرخة الغريق تحت الماء، لقد تحول الإنسان إلى وحش يقتل نفسه بنفسه لغرض المتاجرة والاحتيال .

ولم تكتف بعض الشركات بقتل الأجنة وعمل مساحيق التجميل منها، بل فكرت في الاستفادة من الحشرات لتصنيع مساحيق التجميل، وقد اعترفت شركة هندية باستعمالها الصراصير المطحونة لإضافة البروتين إلى كريمات الوجه.

هذه بعض الحقائق المثيرة المخجلة، التي تكشف القناع الذي يلبسه مُدعو المدنية والموضة.

أيها الفضلاء: لقد أطلق الأطباء صيحات التحذير من هذه المساحيق لأنها مجلبة لبعض الأمراض كحب الشباب، والشيخوخة المبكرة، ولها تأثير على الدم والكبد والكلى، ولها تأثير على البشرة عموما.

يقول الدكتور وهبه أحمد حسن أستاذ الأمراض الجلدية إن مكياج الجلد له تأثيره الضار، لأنه يتكون من مركبات معادن ثقيلة كالرصاص والزئبق، تذاب في مركبات دهنية كما أن بعض المواد الملونة تدخل فيها بعض المشتقات البترولية، وكلها أكسيدات تضر بالجلد، وإن امتصاص المسام الجلدية لهذه المواد يحدث التهابات وحساسية، أما لو استمر استخدام الماكياجات فإن لها تأثيرا ضارا على الأنسجة المكونة للدم والكبد والكلى.

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، عن حكم مساحيق التجميل فأجاب: المساحيق فيها تفصيل: إن كانت يحصل بها جمال و لكن لا تضر الوجه ولا تسبب شيئا فلا بأس، أما إن كانت تسبب شيئا فيه ضرر فإنها تمنع من أجل الضرر .

وفي الوقت  الذي نرى فيه تزايد اوتهافتا في استخدام مستحضرات التجميل من نساء المسلمين، فإن الإحصاءات في الغرب تشير إلى انخفاض في مبيعات مستحضرات التجميل.

ورب قائلة تقول : إننا نستعمل هذه الأدوات والمساحيق منذ زمن ولم نصب بأذى، فالجواب على ذلك: أن الأضرار البدنية لهذه المواد قد لا يظهر أثرها في يوم وليلة أو شهر وشهرين، ولكن على المدى البعيد، وقد يطول وقد يقصر .

ومن مستحضرات التجميل إلى مستحضرات صبغ الشعر والإستشوار إذ أكد الأخصائيون والأطباء أن متاعب شعر المرأة له أكثر من سبب، أكثرها شيوعا: استخدام صبغة الشعر، وتمشيط الشرع بالاستشوار، واستخدام مثبتات الشعر، فهذه تؤدي إلى تدمير بصيلات الشعر، لما تحتويه هذه الأصباغ من مواد كيميائية ضارة بالشعر، وقد ذكر صبغ الشعر وبين أنه ربما تكون هناك علاقة بين استخدام مستحضرات صبغ الشعر وبين الإصابة ببعض أنواع السرطان، قام بهذه الدراسة الباحثون في المعهد القومي الأمريكي للسرطان .

أما حكم مثل هذه المستحضرات فقد قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان أما صبغ المرأة شعر رأسها، فإن كان شيبا فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه عن الصبغ بالسواد، وأما صبغ المرأة بشعر رأسها ليتحول إلى لون آخر، فالذي أرى أنه لا يجوز.

ويرى الشيخ ابن عثيمين أن هذه الأصباغ إن كانت متلقاة من الكفار والغرض منها التشبه بنسائهم فإنها محرمة لأن التشبه بالكفار محرم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. وبعد:

أيها الاخوة الفضلاء: ومما يخالف الفطرة في زينة النساء ما يفعله بعضهن من إطالة الأظافر، أو تركيب أظافر صناعية، وفي بحث علمي قامت به إحدى الجامعات، تمّ أخذ البقايا الموجودة، تحت أظفار الطلبة ووزعت هذه البقايا في أطباق خاصة في درجة حرارة الجسم، وفحصت الأطباق مجهريا، فكانت النتيجة وجود مئات من الأنواع المختلفة من الجراثيم الضارة الفتاكة في هذه البقايا كامنة منتظرة الدخول إلى جسم الإنسان وبخاصة عند تناول الطعام .

وقد يحتج البعض بأنه يعتني بأظفاره ويغسلها يوميا، وحجته مردودة بأن الشرع قد نهى عن إطالة الأظافر، وأيضا : فإن غسل الأظافر لا يفيد في تنظيفها من الجراثيم والأوساخ، لأن الماء لا يصل إلى ما تحت الأظافر، أما طلاء الأظفار فإن الأطباء يحذرون منه يقول أحد استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية، إن طلاء الأظفار بالمادة الكيميائية لها تأثيرها الضار على الأظفار، حيث إن هذه المدة تعزل الهواء وتمنع تبادل الرطوبة بين الظفر والجو وربما يؤدي كثرة استعمالها إلى أن تصاب الأظفار بالاصفرار، وتصبح هشة سهلة الكسر .

وقد أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، بأن تطويل الأظفار خلاف السنة، وقد ثبت عن النبي أنه قال: ((الفطرة خمس: الختان، والإستحداد، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقلم الأظافر))، ولا يجوز أن تترك أكثر من أربعين ليلة لما ثبت عن النبي أنه  قال : (وقت لنا رسول الله في قص الشارب وقلم الظفر، ونتف الإبط وحلق العانة، أن لا نترك شيئا من ذلك أكثر من أربعين ليلة ) ولأن تطويلها فيه تشبه بالبهائم وبعض الكفرة .

وسئل الشيخ محمد ابن عثيمين عن حكم استعمال المناكير فقال: لا يجوز للمرأة أن تستعمل هذه الأصباغ إذا كانت تصلي، لأنها تمنع وصول الماء في الوضوء، وكل شيء يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ، أما إذا كانت لا تصلي لوجود مانع فلا حرج عليها إذا فعلته، إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار فإنه لا يجوز لما فيه من التشبه بهم .

أيها المسلمون: ومن الزينة التي فعلها بعض الناس هداهن الله نتف الحاجب واسمه في الشرع: النمص، يقول أحد الأطباء في ضرره إن إزالة شعر الحواجب ينشط الحلمات الجلدية، فتتكاثر خلايا الجلد وفي حالة توقف الإزالة، ينمو شعر الحواجب بكثافة ملحوظة .

يقول الشيخ عبد الله بن جبرين عن حكم النمص : لا يجوز القص من شعر الحواجب ولا حلقه ولا التخفيف منه ولا نتفه، ولو رضي الزوج فليس فيه جمال، بل تغيير لخلق الله وهو أحسن الخالقين، وقد ورد الوعيد في ذلك ولعن من فعله، وذلك يقتضي التحريم .

أيها المؤمنون : إن ربنا سبحانه رحيم بنا، فهو الذي كتب على نفسه الرحمة، ولم يأمر عباده إلا بما نفعهم، ولم ينههم ألا بما يضرهم فمتى سار الناس منضبطين بأوامر ربهم ساروا بخير وعاشوا بخير، كما أن المسلمين ينبغي عليهم أن يكونوا على مستوى من الوعي والفهم والتأكد من كل شيء يتعاملون به في حياتهم أو يستعمل لئلا يقعوا في المحاذير، والموفق من وفقه الله لإصلاح أهله وحفظهم من كل ما يؤذيهم في الظاهر والباطن .

اللهم اجعل حياتنا ومماتنا ونومنا ويقظتنا، وحركتنا وسكوننا لله رب العالمين لا شريك له .

ألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله .

((النساء شقائق الرجال)

من مشكاة 

لقد سطر التاريخ صوراً مضيئة لدور المرأة في نصرة الإسلام، فـ((النساء شقائق الرجال)) كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن مقولة وراء كل عظيم امرأة لها وجه من الصحة، فالمرأة هي مصنع الرجال ومربية الأجيال، هي الأم والزوجة والأخت والابنة.

ونحن لو ذهبنا نُحصي بطولات النساء في الإسلام لوجدنا صوراً وقصصاً كثيرة، إلا أنها لا تعدل شيئاً بجانب قصص الرجال، فما السبب يا تُرى؟ إن ما وصلنا من قصص النساء أقل بكثير مما وصلنا من قصص الرجال، لأن الأصل في المرأة التستر والخفاء، فالمرأة يظهر أثر بطولاتها وتضحياتها على أبنائها وزوجها، والرجال الذين في بيئتها وأسرتها، لأن المرأة لم تُخلق لكي تكون بارزة للمجتمع، إنما خلقها الله تعالى لكي تكون سكناً لزوجها ومربية لأولادها.

ورضي الله عن الصحابيات الجليلات أمثال أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، فخديجة رضي الله عنها شدت من عزم النبي صلى الله عليه وسلم عندما رجع خائفاً مضطرباً مما جرى في غار حراء مع جبريل عليه السلام، فأخبرها كيف غطه ثلاث مرات آمراً إياه أن يقرأ، وأخبرها بالقرآن الذي سمعه منه، وعندما أخبرها أنه خشي على نفسه قالت له بكل ثقة: (كلا والله ما يُخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتَقري الضيف وتُعين على نوائب الدهر)، فكانت لكلماتها أفضل أثر على قلب نبينا صلى الله عليه وسلم، فهدأ وسكن رَوْعُه، وواست النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمالها ونفسها وهيئت للنبي صلى الله عليه وسلم البيت المريح الذي يجد فيه السكينة بعد المشقة والأذى الَّلذَيْن كان يجدهما من دعوة المشركين، فكانت خير معين على نشر الإسلام، ومناقبها كثيرة وعظيمة، فهي المرأة الوحيدة التي ما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عليها حتى ماتت، وهي التي رزقه الله منها الولد، وهي التي بشرها الله بالجنة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي قد أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيها ولا نصب))، لذا قالت عائشة والحديث في صحيح مسلم: (ما غِرْتُ للنبي صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه ما غرت على خديجة لكثرة ذكره إياها، وما رأيتها قط)، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَبَحَ الشّاةَ يَقُولُ: ((أَرْسِلُوا بِهَا إِلَىَ أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ)) قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْماً فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنّي قَدْ رُزِقْتُ حُبّها))، واسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ. فَقَالَ: ((اللّهُمّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ)) فَغِرْتُ فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءَ الشّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدّهْرِ، فَأَبْدَلَكَ اللّهُ خَيْراً مِنْهَا، زاد الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أبدلني الله خيراً منها؟! قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد النساء)).

هذا الوفاء العظيم عباد الله، ما كان إلا لمكانتها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم وما بذلته للدعوة والإسلام، لذا استحقت أن تكون خير نساء العالمين وسيدة الجنة، قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((سيدات نساء أهل الجنة)) وفي رواية ((خير نساء العالمين أربع:مريم وفاطمة وخديجة وآسية))، ولذلك عندما توفاها الله أُطلق على العام الذي ماتت فيه عام الحزن.

أقول قولي واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، إن نساءنا وبناتنا في أمس الحاجة إلى القدوة الصالحة التي تكون لهن نبراساً يضيء لهن الظلمات ويقشع غمام الفتن التي أحاطت بهن من كل جانب، ولا أجمل ولا أكمل من قصص الصحابيات والنساء الصالحات من سلف هذه الأمة، ففي هذه القصص تجد الفتاة المسلمة ضالتها في امرأة كاملةَ الإيمان صحيحةَ العقيدة، لا تُقلد غرباً ولا شرقاً، شعارها الحجاب ومبدأها الإسلام فلا تحيد عنه قيد أنملة، والمرأة عباد الله إن لم يكن لها قدوة صالحة فإنها تبحث عن أي قدوة ولو غير صالحة، وكذا النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، ولا شك أن وسائل الإعلام الهدامة تقوم بدور فعال في هذا الجانب، فهم يزينون للمرأة أن تكون ممرضة أو مضيفة أو قائدة طائرة، وينشرون المقابلات تلو المقابلات، حتى إنه ليخيل للمرأة التي لم تتربى على الدين والقيم الإسلامية أن هذه هي القدوة التي ينبغي تقليدها، وكم رفعت الصحف والمجلات صوراً ومقالات لنساء سافرات متبرجات مسترجلات، قد تبوءوا المناصب السياسية والاقتصادية واختلطن بالرجال حتى صرن منهم، ولو أن الأمر اقتصر على حالات شاذة يشير لها الإعلام إشارة عابرة ويمر علها مرور الكرام لهان الخطب والمصيبة، إلا أن طامة الطوام أن يخرج علينا كتاب ومفكرون يمدحون ويبجلون ويصفقون ويهللون لهذا الفتح العظيم، ويجعلونه نصراً للإسلام والمسلمين، ووالله إنها لأحدى الكُبَر، يُعصى الله عز وجل وتُكشف العورات وتُحَكَّمُ قوانين الطاغوت بتحديد النسل وإباحة الزنا والشذوذ وحرية الردة عن الدين وبمنع التعدد وكل ما هو معروف عن مؤتمر السكان الذي ترعاه الأمم المتحدة، ومع ذلك يعده أولئك نصراً للإسلام والمسلمين، فأين عقولهم بل قل فأين دينهم؟ لقد قال الله تعالى في المنافقين: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِى لَحْنِ ٱلْقَوْلِ [محمد:30]، أي أن ما يقولونه بالمعنى يفضح سريرتهم ويكشف خبيئتهم وإن لم يُظهروا ذلك صراحة، وكم من الكتاب من هم من هذا النوع، فرجل يطالب بقيادة المرأة للسيارة، وآخر يطالب أن تعمل بجانب الرجل، وثالث يطالب بنبذ الحجاب لأنه يعطل المرأة عن عملها، ورابع وخامس وسادس، هم في واد، والدين والشريعة والعلماء في واد آخر، ولا نستبعد أن يأتي يوم يشيد فيه أحد هؤلاء بالإسلام وكيف أن الإسلام دخل معقلاً من معاقل الكفر، لأن مغنيٍ فاسق أو راقصةً خبيثة غنى أو رقصت في البيت الأبيض، فاقرؤوا عباد الله بين السطور كي يتبين لكم من يريد نصرة الإسلام حقيقة ممن يريد هدم الدين وإشاعة الفاحشة والرذيلة، ونشئوا بناتكم على الفضيلة والأخلاق الكريمة والعفاف والطهر والحياء، علموهن قصص الصحابيات الجليلات ونساء السلف الصالح كي يقتدين بهن، وحذروهن من مكايد الشيطان وأعوانه وبصروهن بما يُراد بالإسلام والمسلمين، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم. 

 

عناية الاسلام بالمرأة عموما وفي الاسلام خصوصا

المصدر مشكاة

 معاشر المسلمين، لم تعرف البشريةُ ديناً ولا حضارةً عُنيت بالمرأة أجملَ عناية وأتمَّ رعايةٍ وأكملَ اهتمام كالإسلام. تحدَّث عن المرأة، وأكّد على مكانتها وعِظم منزلتها، جعلها مرفوعةَ الرأس، عاليةَ المكانة، مرموقةَ القدْر، لها في الإسلام الاعتبارُ الأسمى والمقامُ الأعلى، تتمتّع بشخصيةٍ محترمة وحقوقٍ مقرّرة وواجبات معتبرة. نظر إليها على أنها شقيقةُ الرجل، خُلِقاَ من أصل واحد، ليسعدَ كلٌّ بالآخر ويأنس به في هذه الحياة، في محيط خيرٍ وصلاح وسعادة، قال : ((إنما النساء شقائق الرجال))[1][1].

المرأةُ في تعاليم الإسلام كالرجل في المطالبة بالتكاليف الشرعية، وفيما يترثّب عليها من جزاءات وعقوبات، وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً [النساء:124].

هي كالرجل في حمل الأمانة في مجال الشؤون كلها إلا ما [اقتضت] الضرورةُ البشرية والطبيعة الجِبليّة التفريقَ فيه، وهذا هو مقتضى مبدأ التكريم في الإسلام لبني الإنسان، وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ وَحَمَلْنَـٰهُمْ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مّنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:70].

إخوةَ الإسلام، لقد أشاد الإسلام بفضل المرأة، ورفع شأنَها، وعدَّها نعمةً عظيمةً وهِبةً كريمة، يجب مراعاتها وإكرامُها وإعزازها، يقول المولى جل وعلا: لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـٰثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء ٱلذُّكُورَ أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـٰثاً [الشورى:49،50]، وفي مسند الإمام أحمد أن النبي قال: ((من كان له أنثى فلم يئدها ولم يُهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة))[2][2].

المرأةُ في ظل تعاليم الإسلام القويمة وتوجيهاتِه الحكيمة تعيش حياةً كريمة في مجتمعها المسلم، حياةً مِلؤها الحفاوةُ والتكريم من أوَّل يوم تقدُم فيه إلى هذه الحياة، ومُرورًا بكل حال من أحوال حياتها.

رعى حقَّها طفلةً، وحثَّ على الإحسان إليها، ففي كتاب مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي قال: ((من عال جاريتين حتى تبلُغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين)) وضمّ أصابعه[3][3]، وفي مسلم أيضاً أن النبي قال: ((من كان له ثلاث نبات وصبر عليهن وكساهن من جدته كُن له حجابا من النار))[4][4].

رعى الإسلام حقَّ المرأة أمًّا، فدعا إلى إكرامها إكرامًا خاصًّا، وحثَّ على العناية بها، وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً [الإسراء:23]. بل جعل [حقَّ] الأمّ في البرّ آكدَ من حقِّ الوالد، جاء رجل إلى نبينا فقال: يا رسول الله، من أبرّ؟ قال: ((أمّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أمّك))، قال: ثم من؟ قال: ((أبوك)) متفق عليه[5][5].

رعى الإسلامُ حقَّ المرأة زوجةً، وجعل لها حقوقاً عظيمة على زوجها، من المعاشرة بالمعروف والإحسان والرفق بها والإكرام، قال : ((ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم)) متفق عليه[6][6]، وفي حديث آخر أنه قال: ((أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهم خُلُقاً، وخيارُكم خياركم لنسائه))[7][7].

رعى الإسلامُ حقَّ المرأة أختًا وعمَّةً وخالةً، فعند الترمذي وأبي داود: ((ولا يكون لأحد ثلاثُ بنات أو أخوات فيُحسن إليهن إلا دخل الجنة))[8][8].

وفي حال كونِها أجنبيةً فقد حثَّ على عونها ومساعدتها ورعايتها، ففي الصحيحين: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم الذي لا يفتُر، أو كالصائم الذي لا يفطِر))[9][9].

معاشرَ المسلمين، المكانةُ الاجتماعية للمرأة في الإسلام محفوظةٌ مرموقة، منحها الحقوقَ والدفاعَ عنها والمطالبةَ برفع ما قد يقع عليها من حرمان أو إهمال، يقول : ((إن لصاحب الحق مقالاً))[10][10].

أعطاها حقَّ الاختيار في حياتها والتصرّف في شؤونها وفقَ الضوابط الشرعية والمصالح المرعية، قال جل وعلا: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ [النساء:19]، وقال : ((لا تُنكح الأيم حتى تُستأمَر، ولا البكر حتى تستأذَن في نفسها))[11][11].

المرأةُ في نظر الإسلام أهلٌ للثقة ومحلٌّ للاستشارة، فهذا رسول الله أكملُ الناس علما وأتمُّهم رأيًا يشاور نساءَه ويستشيرهن في مناسبات شتى ومسائل عظمى.

إخوةَ الإسلام، في الإسلام للمرأة حريةٌ تامة في مناحي الاقتصاد كالرجل سواءً بسواء، هي أهلٌ للتكسُّب بأشكاله المشروعة وطرقه المباحة، تتمتّع بحرية التصرف في أموالها وممتلكاتها، لا وصايةَ لأحدٍ عليها مهما كان وأينما كان، وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَـٰمَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ ءانَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوٰلَهُمْ [النساء:6].

بل إن الإسلامَ يفرض للمرأة من حيث هي ما يسمَّى بمبدأ الأمن الاقتصادي مما لم يسبق له مثيلٌ ولا يجاريه بديل حينما كفل للمرأة النفقةَ أمًّا أو بنتاً أو أختاً أو زوجةً وحتى أجنبية، لتتفرّغ لرسالتها الأسمى وهي فارغةُ البال من هموم العيش ونصب الكدح والتكسُّب.

معاشر المؤمنين، هذه بعضُ مظاهر التكريم للمرأة في الإسلام، وذلك [غيْضٌ من فيض] وقبضةٌ من بحر.

أيها المسلمون، إن أعداءَ الإسلام تُقلقهم تلك التوجيهاتُ السامية، وتقضّ مضاجعهم هذه التعليمات الهادفة، لذا فهُم بأنفسهم وبمن انجرّ خلفهم في حديث لا يكلّ عن المرأة وشؤونها وحقّها وحقوقها، كما يتصوّرون وكما يزعمون، مما يحمل بلاءً تختلف الفضائل في ضجَّته، وتذوب الأخلاق في أزِمّته، دعواتٌ تهدف لتحرير المسلمة من دينها والمروق من إسلامها، مبادئُ تصادم الطفرةَ وتنابذ القيمَ الإيمانية. دعواتٌ من أولئك تنبثق من مبادئَ مُهلكةٍ ومقاييسَ فاسدة وحضاراتٍ منتنة، تزيِّن الشرورَ والفساد بأسماء برّاقة ومصطلحات خادعة. وللأسف تجد من أبناء المسلمين من في فكره عِوَجٌ وفي نظره خلل ينادي بأعلى صوتٍ بتلك الدعوات، ويتحمّس لتلك الأفكار المضلِّلة والتوجُّهات المنحرفة، بل ويلهج سعياً لتحقيقها وتفعيلها. لذا تجد أقلامَهم تُفرز مقتاً للأصيل من أصولهم والمجيد من تراثهم.

إخوة الإسلام، لقد عرف أعداءُ الإسلام ما يحمله هذا الدين للمرأة من سموّ كرامةٍ وعظيم صيانة، علموا في مقرراته المأصَّلة أن الأصلَ قرارُ المرأة في مملكة منزلها، في ظل سكينة وطمأنينة، ومحيط بيوتٍ مستقرةٍ، وجوِّ أسرة حانية. رأوا حقوقَ المرأة مقرونةً بمسؤوليتها في رعاية الأسرة، وخروجها في الإسلام من منزلها يؤخَذ ويمارَس من خلال الحشمة والأدب، ويُحاط بسياج الإيمان والكرامة وصيانة العرض، كما قال تعالى: وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ [الأحزاب:33]، وكما قال : ((وبيوتهن خير لهن))[12][12]. حينذاك ضاقوا من ذلك ذرعاً، فراحوا بكلِّ وسيلة وسعوا بكل طريقة ليخرجوا المرأةَ من بيتها وقرارِها المكين وظلِّها الأمين، لتطلق لنفسها حينئذ العنانَ لكل شاردةٍ وواردة، ولهثوا لهثاً حثيثاً ليحرّروها من تعاليم دينها وقيم أخلاقها، تارةً باسم تحرير المرأة، وتارةً باسم الحرية والمساواة، وتارةً باسم الرقي والتقدم الكاذب. مصطلحاتٌ ظاهرها الرحمة والخير، وباطنُها شرٌّ يُبنى على قلبِ القيم، وعكس المفاهيم، والانعتاق من كل الضوابط والقيم والمسؤوليات الأسَرِية والحقوقِ الاجتماعية، وبالتالي تُقام امرأةٌ تؤول إلى سلعةٍ تُدار في أسواق الملذَّات والشهوات.

فالمرأةُ في نظر هؤلاء هي المتحرِّرةُ من شؤون منزلها وتربية أولادها، هي الراكضةُ اللاهثة في هموم العيش والكسب ونصب العمل ولفْت الأنظار وإعجاب الآخرين، ولو كان ذلك على حساب تدمير الفضيلة والأخلاق, وتدمير الأسرة والقيم، فلا هي حينئذ بطاعة ربٍّ ملتزمةٌ، ولا بحقوق زوجٍ وافية، ولا في إقامة مجتمع فاضلٍ مُسهِمة، ولا بتربية نشءٍ قائمةٌ.

إخوةَ الإسلام، تلك نظراتُهم تصبُّ في بواثِق الانطلاق التامِّ والتحرُّر الكامل، الذي يُغرق الإنسانَ في الضياع والرذيلة وفقدان القيمة والهدف والغاية. أما في الإسلام فالمرأة أهمُّ عناصر المجتمع، الأصلُ أن تكون مربِّيةً للأجيال، مصنعاً للأبطال، ومع هذا فالإسلام ـ وهو الذي يجعل للعمل الخيِّر منزلةً عظمى ومكانةً كبرى ـ لا تأبى تعاليمُه عملاً للمرأة في محيط ما تزكو به النفس، وتُقوَّم به الأخلاق، وتحفظ به المرأة كرامتَها وحياءها وعفَّتها، وتصون به دينها وبدنَها وعرضها وقلبَها، وذلك من خلال ما يناسب فطرتَها ورسالتَها، وطبيعتَها ومواهبَها، وميولها وقدراتِها. ومن هذا المنطلق فالإسلام حينئذ يمنع المرأة وبكلِّ حزم من كلِّ عمل ينافي الدين، ويضادُّ الخلقَ القويم، فيشرط في عملها أن تكون محتشمةً وقورة، بعيدةً عن مظانِّ الفتنة، غيرَ مختلطة بالرجال، ولا متعرّضةٍ للسفور والفجور. ولئن أردنا حقيقةَ الواقع الذي يخالف ذلك المنهج الإسلامي فاسمع ـ يا رعاك الله ـ لأحد كُتَّاب الغرب وهو يقول: "إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن نتيجتَه كانت هادمةً لبناء الحياة المنزلية؛ لأنه هاجم هيكلَ المنزل، وقوَّض أركانَ الأسرة، ومزَّق الروابط الاجتماعية"، وتقول أخرى وهي دكتورةٌ تحكي أزماتِ مجتمعها، تقول: "إن سبب الأزماتِ العائلية وسرَّ كثرةِ الجرائم في المجتمع هو أن الزوجةَ تركت بيتَها لتضاعفَ دخلَ الأسرة، فزاد الدخلُ وانخفض مستوى الأخلاق"، إلى أن قالت: "والتجاربُ أثبتت أن عودةَ المرأة إلى المنزل هو الطريقةُ الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي [هو] فيه" انتهى.

فيا أيها المسلمون، الحرصَ الحرصَ على تعاليم هذا الدين، والحذرَ الحذر من مزالق الأعداء الحاقدين.

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله سيّد الأنبياء والمرسلين.

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فمن اتقاه وقاه، وأسعده وما أشقاه.

إخوة الإسلام، من أوجُه عناية الإسلام بالمجتمع حرصُه على منع الاختلاط بين الرجال والنساء في أيِّ مجال وفي أيِّ شأن، ذلكم أنه وباءٌ خطير، ما أصيبَ به مجتمع إلا ودبَّت فيه كلُّ بليَّة وعمَّ فيه الشرُّ والفساد، فما من جريمة نُهِش فيها العرض وذُبح العفافُ وأُهدِر الشرف إلا وكانت الخيوطُ الأولى التي نُسجت فيها هذه الجريمة، وسهَّلت سبيلها هي ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة في العلاقة بين الرجال والنساء، ومن خلال هذه الثغرة يدخل الشيطان ويقع الفساد.

ولنستمع لمقالة إحدى النساء التي عاشت في مجتمع الاختلاط، وهي تحكي تجرباتِ بنات جنسها في مقال أسمته "امنعوا الاختلاط" قالت: "إن المجتمعَ العربيَّ كاملٌ وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسَّك بتعاليمه وتقاليده التي تقيِّد الفتاةَ والشابَّ في حدود المعقول"، إلى أن قالت: "لهذا أنصح بأن تتمسَّكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط، وقيِّدوا حريةَ الفتاة، بل ارجعوا إلى أصل الحجاب، فهو خيرٌ لكم من الإباحة والانطلاق والفجور" انتهى.

ألا فليتقِ اللهَ أهلُ الإسلام في مواليهم، وليحسِبوا خطواتِ السير في حياتهم، وليحفظوا ما استرعاهم الله عليهم من رعاياهم، والحذر الحذر من التفريط والاستجابة لفتنة الاستدراج إلى مدارج الغواية والضلالة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَـٰعاً فَٱسْـئَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53].

ثم إن الله جل وعلا أمرنا بأمر عظيم ألا وهو الصلاة على النبي الكريم.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين...

الحضارة الإسلامية بين أصالة الماضي وآمال المستقبل (4) الباب الرابع كيف نبني حضارتنا الإسلامية؟

الحضارة الإسلامية بين أصالة الماضي وآمال  المستقبل (4) الباب الرابع كيف نبني حضارتنا الإسلامية؟ الباب الخامس قيم التقدم   في ا...